رسالة بين الحياة و الموت
أنقل هذه القصة من مقابلة تلفزيونية على لسان أحدالأعضاء المؤسسين لحركة أمل (افواج المقاومة اللبنانية)، في بداية الحرب الأهلية اللبنانية...المقابلة من برنامج أحزاب لبنان
في البداية....نبذة بسيطة عن حال الطائفة الشيعية في ذلك الوقت
في البداية....نبذة بسيطة عن حال الطائفة الشيعية في ذلك الوقت
كانت الطائفة بشكل عام مهمشة و تعاني من تفشي الجهل و الفقر بشكل كبير في أوساطها، كما هوحال الشيعة في معظم أرجاء العالم. لم يكن للشيعة أي تمثيل يذكر سياسيا، وكانوا اذا أرادوا الأنخراط في أي نوع من أنواع العمل السياسي، أن يتوجهوا للأحزاب التي تسيطرو تهيمن عليها طوائف أخرى، ولا تراعى مصالحهم. فكانوا مثلا ينجرون وراء التيار الشيوعي تارة...والتقدمي الإشتراكي او القومي العربي تارة أخرى. ولم يكن للشيعة أي قيادة..ماعدا بعض القادة الإقطاعيين الذين ورثوا المراكز الإجتماعية بين أهل القرى كبيت الأسعد مثلا. (قارن هذه الصورة بالوضع الحالي للشيعة في لبنان)
أندلعت الحرب الأهلية في لبنان، و لم يكن الشيعة سببا ولا طرفا فيها....ولكن أيادي الموت والترهيب والدمار حاصرتهم، ونهشت لحومهم...بل كانوا أشد بؤسا من غيرهم...فكانوا في الجنوب بين ناريين..نار المقاتلين الفلسطينيين الغير النظاميين، ونار العدو الصهيوني. بكل بساطة...كانت الطائفة في وضع لاتحسد عليه...وبدأت بوادر التشقق تظهر بين قادتهم...وهم قلة.
حتى جاء الإمام السيد موسى الصدر، وقرر تصحيح الوضع... (الرجاء لمن يملك الوقت البحث أكثر في هذه الشخصية الفذة التي يشهد لها المسيحي قبل المسلم)، الإمام أحس بخطورة الوضع...و رأى لبنان على شفير الهاوية... رغم أن سعيه كان دائما في طريق السلم الأهلي وتدارك الوضع...و لكنه كان يعلم أن المؤامرة كبيرة جدا ولبنان كان على فوهة بركان. فقرر الإمام تأسيس حركة للدفاع عن المحرومين في لبنان، ولكن للأسف سرعان ما أخذت الحركة بعدا طائفيا شيعيا نظرا لتغلب النزعة الطائفية على جميع النزعات الأخرى في هذه الحرب. فقد كانت كل طائفة تمتلك حزبا عسكريا وسياسيا للدفاع عن حقوقها...فلم يكن هناك خيار آخر في ذالك الوقت بالنسبة للإمام و أتباعه. أسس الإمام في بادئ الأمر حركة سياسية أسماها ((حركة المحرومين))...لم تكن حركة شيعية...بل حركة للدفاع عن المحرومين و المظلومين في لبنان (للأسف أن اغلبهم ينتمون لهذه الطائفة) حتى شرع الإمام في تنظيم وتسليح الشباب...وأسس عدة معسكرات للتدريب في وادي البقاع...ولكن بسرية تامة كي لاينتشر الخبر بين باقي الطوائف اللبنانية، وينعكس الأمر بشكل سلبي على أتباع الطائفة من دون أن يكونوا طرفا في النزاع ويزداد الطين بلة...فقرر الإمام أن يتريث و يواصل صب الجهود في محاولة إخماد الفتنة.
وفي يوم من الأيام...في أحد المعسكرات، كان عدد من المجاهدين في حصة تدريب على المتفجرات، وبينما هم يتدربون على تفكيك الألغام...حصل إنفجار كبير أودى بحيات العشرات من المجاهدين بطريق الخطأ...وانتشر الخبر بأن انفجارا حصل في البقاع...وبدأ الناس يتهامسون بأن المعسكرهو لحركة المحرومين...وبدأت علامات الإستفهام بالظهور....فقرر الإمام بعد يومين أن يعلن رسميا تدشين الحركة...فعقد مؤتمرا صحفيا كبيرا و ووضع أمامه لوحة ملفوف عليها قطعة من القماش الأبيض... عليها بعض الكتابات المبهمة مكتوبة بخط اليد...وأعلن الإمام تأسيس أفواج المقاومة اللبناينة (أمل)...ووضح دور و أهداف هذه الحركة وهي حركة وجدت أولا وأخيرا لمقاومة العدو الصهيوني...وقال: هذه اللوحة هي بكل بساطة شعارنا و هدفنا الذي نصبو إليه، لسنا طرفا في هذه الحرب ولانريد خوضها... ولكنها فرضت علينا...وعلينا أن نحمي أهلنا و أرضنا...و أن لا نطئطئ الرؤس للصهاينة و أن نقاوم حتى آخر قطرة دم...بل و حتى آخر طفل...فالموت لنا عادة و كرامتنا من الله الشهادة.
أما ماكتب على قطعة القماش........ فقد كانت وصية..... كتبت بين الدنيا والآخرة......بين الحياة و الموت....كتبت في لحظات الألم والأمل على حد سواء.... بين غصة الرحيل وشوق اللقاء....
أحد المجاهدين الذين قضوا نحبهم في الإنفجار....وأثناء لفظه أنفاسه الأخيرة.... وهو يصارع الموت لكي يجمع مابقي من طاقته الفانية لإيصال هذه الرسالة.....أخذ قطعة القماش الملقاة بجانبه على الأرض وكتب بدمائه... من جراحه النازفة.... وصيته الأخيرة....كونوا مؤمنين حسينيين
No comments:
Post a Comment